سؤال وجواب

سؤال شوقي:
   المقاربات السياسيّة للأحداث في لبنان تختلف من كاتب إلى آخر بحسب الموقع والمنطلقات والمشارب الروحيّة والوطنيّة والفكريّة وإذا يوجد إجماع على حبّ لبنان والإنتصار للبنان بوجه كلّ طامع بأرضه ومياهه، كما بوجه كلّ من يهدّده بوحدته وأمنه واستقراره، فهناك إجماع في الوقت ذاته حول الحيرة من أمر قادته السياسيين الذين بعضهم لا يزال أسير مفاهيم طائفيّة، وبعضهم لا يزال أسير مفاهيم إقطاعيّة،  وبعضهم أسير المصالح الخاصّة، فيما قلّة هم الساسة أصحاب المواقف الذين يؤثرون مصلحة الوطن ككلّ على كلّ مصلحة.
ومن ضمن هذه الخلفيّة تمّ توجيه السؤال التالي إلى عدد من الكتّاب: "منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق الراحل رفيق الحريري بالتزامن مع صدور القرار الدولي رقم 1559 ولبنان يعيش حال من الزلزال السياسي وجاء الغزو الإسرائيلي للبنان بتاريخ 12 تمّوز 2006 باعتباره الفصل الأعنف إبّان هذا الزلزال ما هو رأيك بما يجري؟ هل لبنان متّجه إلى انفراج أمني واقتصادي واجتماعي؟ أم متّجه إلى ضيق؟. ما هو رأيك بالسياسيين اللبنانيين، ومستوى إدائهم السياسي عموماً.
 جواب شربل بعيني (شاعر ورئيس تحرير مجلّة غربة)
   لبنان ومنذ بزوغ فجر استقلاله يعيش تقلبات سياسية موجعة لدرجة قيل معها: كل عشر سنوات هناك حرب أهلية في لبنان، وما نراه اليوم هو إمتداد لتلك التقلبات، لن يتغيّر ما لم يتغيّر نظام الحكم الطائفي، وتلتغى المحاصصة الطائفية وتتلاشى الكانتونات الطائفية. لبنان كما نراه مقسّم طائفياً بشكل مقرف، فبمجرد أن تذكر إسم منطقة فيه حتى تنعتها طائفياً، لذلك نجد أن معظم سياسيينا لا يعملون من أجل مصلحة لبنان ككل، بل من أجل مصلحة مناطقهم الضيقة التي تعطيهم القوة والاستمرار. بكل الأسف أقول إن لبنان لن ينعم باستقراره ما لم ينعم باستقلاله، فالتدخلات الأجنبية تتلاعب به كما تتلاعب الرياح بأوراق الأشجار الخريفية، والنعرات الطائفية تقضّ مضجعه إثر كل غياب شمس، وزعماؤه الأشاوس لا تهمهم سوى مراكزهم، والويل لمن يتطاول عليهم، إنهم جبنة الوطن المعفنة الفاسدة، وعلينا أن نلتهمها باستمرار. 
   جريمة إغتيال الحريري يجب أن لا تمر دون عقاب، كي لا تحصل جرائم أخرى قد لا تصيب السياسيين بل أرباب القلم كما حصل مع مي شدياق وجبران تويني وسمير قصير وسليم اللوزي وغيرهم، ولكنها ليست السبب فيما يحصل بلبنان، لأن لبنان كما قلت سابقاً، مبني على بركان طائفي ينفث حممه باستمرار ولن يتمكن متمكن من إخماده ما لم نبنِ المواطن العلماني الذي لا تهمه أولاً وأخيراً سوى مصلحة وطنه لبنان، كما أن اسرائيل ليست بحاجة إلى ذرائع كي تهاجم لبنان فأرضه مباحة لها ولغيرها، وهنا الطامة الكبرى، إذ كيف يقبل لبنان على إنفراج سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي وكل من فيه وكل من حوله أعداء له وإن اختلفت التسميات. لقد قال أحدهم: إنقاذ لبنان لن يتم إلا بإعجوبة، وأعتقد أن هذه الأعجوبة لن تتم إلا بأيدي الشرفاء من أبنائه، فتعالوا نعمل بإخلاص من أجل إنقاذه، إنه وطننا الذي لا وطن لنا في الشرق إلاه، نتطلع له وبه نحلم ومن أجله نشدو ونكتب وندمع.
المثقف، 5/12/2010
**