علامة فارقة في بستان الشعر المهجري

   "ألله ونقطة زيت" باقة شعر أخرى لشاعر الغربة الطويلة شربل بعيني، ضمّنها نوعاً آخر من تأملاته الطريفة حيناً، والمتطرفة حيناً آخر.
   وفي الحينين نقف مع شربل، ندعو له لا عليه ونقول: أحسنت. 
   الشعر كالسيف للسلم والحرب، ومن ينشد الكرامة لنفسه وشعبه وأمته يختبر كل الفنون إلاّ فن ال "لعم" "لا ونعم" للجهل والعبودية والارتزاق.
   كذلك هو شربل بعيني "لا" كبيرة، و"نعم" فقط للحب والخير والجمال.
   "ألله ونقطة زيت" كلمة على السطر، وكلمة على السوط، عين على المظلوم ويد على الظالم.
   أربع وعشرون قصيدة، علامات فارقة في بستان الشعر المهجري. جرأة نادرة. اقتحامات جديدة لمعاقل يعتقد أنها منيعة أو فوق الشكوك. أسئلة غريبة تتبعها إجابات واضحة. الشاعر فيها صريح، جريء، مقدام، يرى الداء ويصف الدواء، وينكر على القائلين بعجز الشعراء عن تقديم الحلول!.. كأني به "شربل" على صورته، يعرف الخاطئين، ويرسم لهم في بشارته طريق العدل، الذي لا ظلم فيه، ولا استغلال، ولا هلوسة، ولا تدجيل.
   وربما أيضاً كلمة تقال في المقدمة ـ المرافقة للكتاب، بقلم سيادة المطران عبده خليفة، فهي انتصرت للدين، بما هو الدين لخير الناس، يمنع عنهم غائلة العثرات، ويدفعهم إلى الخير العام، الذي ينتفع منه الجميع دون تمييز بين أتباع الدين الواحد، أو الأديان المختلفة.
   وهي أيضاً انتصرت للشاعر لترد عنه جهل الجهّال، فروّضت الديوان، بعد أن كان بريّاً متوحشاً، ولجمته بعد أن كان "جامحاً"، وحللته على الطريقتين، عمّدته ثم كبّرت عليه، بعد أن كان "كافراً" وكان "حراماً".
   يقال إن المطران أعطى الشاعر صك غفران، وكامل المر قبض على عنق الديوان، وشوقي مسلماني يقول: ألف مبروك.
   وكل "نقطة زيت" وأنت بخير يا شربل.
البيرق، العدد 84، 11/3/1988
**